سرقوا طفولتهم
اطفال العراق بين حلم الطفولة والواقع المرير..
الكاتب علي عودة
يبدو ان الاطفال في العراق يعيشون طفولة من نوع اخر ليس مثل باقي اطفال العالم فالوضع الذي يعيشه العراق بالسنوات الاخيرة وما ترتب علية من تداعيات على الحياة من جميع جوانبها منذ الاحتلال الامريكي عام 2003 وحتى الان شكل خطرا على الاطفال الذين اصبحوا ضحية الصراعات بكل اشكالها.
ازدياد معدلات الفقر ونسب البطالة العالية التي تجاوزت 40٪ في العراق, التي خلفتها الحروب المتتالية والتقصير الحكومي في ايجاد حلول للعاطلين عن العمل وجعل المجتمع يعاني من الفقر. وبعض العوائل اجبَرت الاطفال على ترك مقاعد الدراسة والذهاب للعمل من اجل توفير لقمة العيش لهم لعدم وجود معيل اخر , ليعانوا تحت الظروف القاسية مرارة الحياة وكذلك الجهل عند بعض العوائل التي تفضل ان يعمل اطفالهم بدل من ان يذهبوا الى التعليم.
وهناك ايضا انتشار ظاهرة التسول واستغلال الاطفال
من قبل مجاميع ومافيات للحصول على اموال بسبب غياب الرقابة من قبل الحكومة مما يجب على الدولة فرض الرقابة الصارمة ومحاسبة من يستغل الاطفال والحد من ظاهرة تسول الاطفال, من خلال توفير مستوى معيشي امن للعوائل وضمان الحياة الكريمة لهم لكي لا يضطروا الى العمل وترك التعليم والذهاب الى الشارع .
يعاني العراق من ضعف التعليم والثقافة وانتشار الجهل حيث ادت الحروب المتتالية والصراعات وما نتجت عنه من تدمير للبنى التحتية ومن ضمنها المدارس وكذلك التقصير الحكومي في تطوير التعليم في العراق وعدم تطوير المناهج الدراسية وتأهيل المدارس والمعاهد وتطويرها واعتماد الكوادر التدريسية على الاساليب بدائية في التعليم ولّد لنا اجيالا مُدمَرة لا تعرف القراءة والكتابة وانتشار الامية بشكل كبير وابتعاد نسب كبيرة من الاطفال وحرمانهم من التعليم لأسباب مختلفة حيث تُظهر الاحصائيات في السنوات الاخيرة ان العراق من بين اسوء الدول العالم من حيث جودة التعليم هذا كلة يقع ضحيته الاطفال والاجيال الناشئة التي تحرم من ابسط حقوقها وهي التعليم حيث يجب على الحكومة الالتفات الى هذه المسألة المهمة وتصحيح المسار من خلال تأهيل المدارس والمعاهد والكوادر التدريسية وتطوير المناهج الدراسية والحد من انتشار الامية لضمان مستقبل زاهر للأطفال الذين يعتبروا هم عماد المستقبل.
في منتصف عام 2014 ومع ظهور تنظيم داعش الارهابي في العراق وسيطرته على ست محافظات من البلاد بدأ التنظيم باستخدام أساليبه التي تتنافى مع الإنسانية حيث بدأ بتجنيد الاطفال وبدأ يعلمهم على اساليب القتل الوحشية من خلال غسل عقولهم وتدريسهم مناهج القتل وغرس افكارهم المسمومة في عقول الاطفال لتحقيق اهدافهم التدميرية للمجتمع, حيث تظهر التقارير بأن التنظيم الارهابي استغل الاطفال في العمليات الانتحارية وتنفيذ عمليات الاعدام. الامر الذي جعل من الاطفال مجرمين من دون ذنب لانهم لا يعون ما يفعلونه لان التنظيم يصور لهم هذه العمليات على انها لعبة دون ادراك الطفل ما يقوم بة من اعمال اجرامية لقد انتزعوا براءتهم واستغلوا عقولهم الصغيرة لينتجوا لنا جيلا يشكل خطرا على المجتمع.
وهذا يضع على عاتق الدولة مسؤولية اعادة تأهيل هؤلاء الاطفال من خلال مراكز مختصة واعادة تدريبهم نفسيا وبدنيا وانتزاع تلك الافكار المسمومة من عقولهم وتعليمهم اشياء تخرجهم من جو القتل والاجرام الذي تعلموه على يد قوى الظلام لينقذوا هذه الاجيال من الضياع وانقاذ المجتمع من خطرهم في المستقبل.
كذلك التفكك الاسري وما ترتب عليه من مشاكل اصبح الطفل ضحية صراع الاهل وازدياد العنف وارتفاع معدلات الطلاق الذي يدفع الطفل ثمنه, وايضا في بعض العوائل التي تستخدم العنف الجسدي واللفظي ضد الاطفال حيث يتم تعنيفهم وضربهم من قبل ذويهم مما يجبر الطفل الذي ينشأ في جو العنف والحرمان من التمرد وسلك طرق اخرى بسبب الضغط النفسي الذي يعيشه في أسرته مما يجعله عرضة للاستغلال عندما يجد من يشعره بالأمان ثم يتم استغلاله, في اغلب الاحيان يصل الى الاستغلال الجسدي مما يتوجب التدخل السريع من قبل الدولة ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الاطفال من خلال وضع قوانين لتجريم العنف الاسري والعنف ضد الاطفال والتوعية من خلال الندوات وورش لمخاطر العنف والتفكك الاسري على الاطفال من اجل حمايتهم للعيش بين اسرة تحترمهم وتحميهم وتحتويهم وتشعرهم بالأمان.
تبقى الطفولة في العراق تعاني الامرين في ضل بلد يشهد العديد من التحديات على جميع الاصعدة فهل سيتم معالجة هذه المشاكل ام تضل تنتزع منهم سنين الطفولة والبراءة وتجردهم من حقوقهم في العيش بسلام وامان في مجتمع يضمن لهم حقوقهم ويحميهم ويوفر لهم كل متطلبات الحياة الكريمة مثل باقي الدول الاخرى.. تساؤلات تنتظر الاجابة عليها واصوات تتعالى تنتظر أذان صاغية من اجل انقاذ اجيال المستقبل من الضياع..
_________________