سعادة السيدة (بان عدنان) واسئلتها التي انبتت لصمتها زهرة
الكاتب مهند مهدي عبدالله
حين يقرر كاتب ما أن يصدر كتاباً للقراء فهو قرار للمجازفة دائماً حتى وإن كان كتابه العاشر.
بان عدنان جازفت بشجاعة لطرح اسمها في وسط أدبي معقد ومشهد متخم, وهي تستحق فرصتها في هذا الطرح من خلال ما قدمته في كتابين احدهما نصوص شعرية والآخر مقالات وجزء منه قصص,
إصدارها البكر كان بعنوان (وأنبت صمتي زهرة) تأخذنا في رحلة رقيقة تطغى عليها اللمسة الأنثوية الرقيقة والمشاعر الجياشة تجاه الوطن والاهتمام بقضية المرأة في نصوص شعرية تنقسم بين الفصيح واللغة الدارجة الشعبية العراقية والتي ميزت تلك النصوص، هي اللمحة والمشهد المحزن في صياغاتها و اشتغالاتها النفسية والتي تمازجت في موضوعاتها لتشعر أنك في رحلة ومركب واحد من الغلاف إلى الغلاف.
والآخر بعنوان (سعادة السيدة أسئلة) تطرح فيه الكاتبة أفكاراً متعددة, فتارة تأخذك إلى الصراع بين العقل واللاعقل في طرح واضح لأسئلة مجهولة الإجابة, ومرة أخرى إلى الاشتياق لوطن غاب في الأفق البعيد عبر المحيطات.
أما مقالتها ومنذ الوهلة الأولى لفتت نظري بعنوان عميق وهي المقالة التي استمدت منها بان عنوان كتابها (سعادة السيدة أسئلة) وكنت محقا في ذلك الاهتمام, وأنا أقرأ المقالة وجدتها جديرة بالكتابة عنها و أن أزيد بعض ما قرأت من مقالات أخرى في نفس الكتاب.
تأخذنا الكاتبة في هذه المقالة للبحث عن جواب سؤالٍ عن المجهول سواء كان في حياتها الشخصية او العامة وتحثنا على البحث عن الجواب وترجمة الأفكار وعدم التخلي عنها، و تشجعنا على البحث عن السعادة السيدة أجوبة.
وللطفولة مكانة كبيرة لدى(بان) حين تذكر هذه المفردة في اكثر من نص وهذا دليل واضح على الاشتياق والرغبة بالعودة الى الماضي من ناحية ومن ناحية اخرى دليل على طفولة ضائعة بين الوطن والاغتراب، ولربما هناك سر الطفولة الدائمة التي تعيش بداخل الكاتبة لتظهر لنا على شكل امنيات وتارة على شكل قصائد.
لقد أجادت بان عدنان في بعض النصوص الشعرية التي قدمتها باللهجة العراقية لكنها وبشكل آخر أبدعت في كتابة العديد من المقالات بموضوعاتها المختلفة , ويبدو لي أن لها خيالاً سردياً تفوقت به على خيالها الشعري.
صدر الكتابان عن منشورات الزمن في كركوك.
ونورد لكم ثلاثة نماذج لها من كتبها وتنقسم بين المقالة والقصة والقصيدة الشعبية.
تصحر
قصة قصيرة
إليه ذاك الـ( نصف رجل ) :
فقط حين أتعافي منك ، ستحتضن ظلمة روحك في ليلة كليلة يونس ذي الثلاث ظلمات ، وتتذكر تلك الهادئة التي سيأتيك النسيم بذكرى منها ، هو ذات النسيم الذي يحرك شعر الأخرى... بائعة الملح التي اعتنقت مبدأ النفور من الأعراف ، لتختلس لك زيارة داكنة بلون ضوء الانطلاق الذي منحتها إياه ، فتناست الرقية الشرعية التي حصنتها منك لتلحق بركب يبيع الملح أبخس الأثمان ، يطالها الملل الذي طالني ستعود أنت خالية حتى من اللاشئ تماما كما تنبأت لذاتك يوما ، فلا أنا ولاهي ولا وعودك ولا حتى أنت ، فبعد رحيل الضمير فيك سيعود ليلك ليلا أكثر مما ينبغي ، فمبارك تصحر الروح فيك ، وهنيئا لي الشهادة.
-----------------------------
سعادة السيدة أسئلة
مقالة
ما ترعرعت السيدة أسئلة وأصبحت هذا الحجم إلا لأنها نشأت في أحضان السيد مجهول ، فبفضله حفظه الشرق ورعاه اصبحت للسيدة أسئلة مكانة اجتماعية واسعة النطاق وغريبة السلوك فمن اتفق معها نجا ونجا من معه ومن اختلف عنها هلك , فبسبب سؤال دار في رأس سائل يحاول إثبات وجوده بفكرة تحتاج إلى جواب ، قد نفي صاحب السؤال وتجمد السؤال ليعود لأحضان السيد مجهول.
فيجب عليك أن تعلم أن كثرة الأسئلة في رأسك هي دليل وجودك فدع رأسك يفكر وقلمك يترجم أفكارك وأطلقها على ورقة من ممتلكاتك فرأس القلم على ورقة ولكن قلبه يمدك بتوثيق الفكرة وحبره بأفكارك اللامتناهية وبذلك تدق أبواب أبعد نقطة في العالم, فلا يخفْك ما يحدث حولك فهو يتم مع سبق الإصرار والترصد فاجعل لروحك نكهة مختلفة حتى وإن شاخت الأجساد ودق الزمن ناقوس النهاية وفقد لسانك حاسة الذوق وضعفت بعينك نعمة البصر، تبقى روحك بذات إصرارها حين يتذوق من تترك فيهم ذاك الأثر بلا حدود, آنذاك فقط تبقى موجودة هكذا هو الخلود, فكما قلمك متشبث بسؤال يدور في رأسك دعهما يتصافحان رغم أنف السيد مجهول فالسيدة أسئلة ستصيبها التخمة ذات يوم وتغادر أحضانه هي الأخرى فخذ منها قدوة لك وامضيا في رحلة البحث عن توأمتها السيدة أجوبة كي أسلوا توثيق أول خطوة في طريق شائك يدعى السلام فإزاحة أشواك ذاك الدرب تكمن في هجر أحضان المجهول وقراءة التوأمتين بروية أعمق.
--------------------------------------
ثورة التحرير
هاي الگاع حرة بلمسة اجدامك
ما تحتاج اسم ونكول تحریر
صوتك ثوبها وملحتها عنوانك
رايد وطن هم تحتاج تفسير؟
تحلى بالصبر يالفاگد اخوانك
بس ايصح وطن والرايده ايصير
يدنجولك خجل هالـ قنصوا ازلامك
ومعاك أهل الوطن كلهم مگاوير
وياك أهل الوطن غيرة و مگاوير